في هذا الدورة، تغيّرت طريقة اللعب في سوق العملات البديلة بشكل جذري.

إذا كنت لا تزال تنتظر أن ينطلق أحد العملات الصغيرة فجأة، فقد تصاب بخيبة أمل. الوضع الآن أشبه بمعركة على المخزون الحالي—الأموال محدودة، لكن الحصص تتوزع أكثر فأكثر، والنتيجة أن الكبار يأكلون اللحم، والبقية لا يحصلون حتى على الحساء.

الأرقام واضحة: أفضل 10% من المشاريع في السوق استحوذت على 90% من تدفقات الأموال، أما بقية المشاريع فهي في الزوايا المنسية تموت ببطء دون أن يسأل عنها أحد. هذا ليس بالصدفة، بل نتيجة حتمية لنضوج السوق.

إذا نظرنا للسنوات الماضية، كم من المشاريع استطاعت جمع أموال ورفع الأسعار لمجرد فكرة؟ تلك الأيام كانت موجودة بالفعل. لكن الآن اختلف الوضع، فقد مر اللاعبون بالكثير من جولات التصريف، وتعلموا النظر إلى المنتج، والبيانات، وخلفية الفريق. السرد الفارغ لم يعد يقنع أحداً، والمشاريع التي لا تملك تطبيقات واقعية لا يمكنها دعم التقييمات.

الأسوأ هو فقاعة التقييم. في فترة السوق الصاعد، رفع رأس المال المغامر الأسعار بجنون، كثير من العملات وصلت قيمتها لعشرات المليارات من الدولارات قبل حتى أن تُدرج في المنصات. يدخل المستثمر العادي ليجد نفسه على القمة، وهذا الخلل البنيوي جعل كسر السعر الأصلي أمراً شائعاً، ما أدى لانهيار الثقة.

حتى فرق المشاريع فهمت الدرس: بمجرد أن يرتفع السعر قليلاً، يبيع الناس مباشرة، فبدلاً من بذل الجهد في دعم السوق، يفضلون توفير التكاليف والاستسلام. هكذا دخل السوق في حلقة مفرغة—لا أحد يريد الدفاع عن الأسعار، والمستثمرون أصبحوا أكثر تردداً في الدخول.

في هذا الوضع، يجب تغيير الاستراتيجية. فكرة الاحتفاظ طويل الأمد وانتظار الضعف لم تعد مناسبة، الآن المطلوب هو الدخول والخروج السريع، واغتنام فرصة الارتفاع المؤقت، فلو تأخرت قليلاً قد لا تسترد حتى رأس مالك.

أما متى تأتي الفرصة القادمة؟ قد يكون عند توفر السيولة بشكل حقيقي، لكن عندها ستكون المنافسة أشد. وقتها لن تعتمد على الحظ بل على قدرتك في فهم وتيرة السوق وتنفيذ خطتك بسرعة.

ببساطة، سوق العملات البديلة اليوم لم يعد سوق المغامرة العمياء، بل أصبح لعبة سريعة تتطلب دقة في الحكم. من لا يتأقلم مع القواعد الجديدة، سيخرج من اللعبة.